29/04/2020

الشاعر د. عز الدين حسين أبو صفية

قصة قصيرة 

الشارلستون :::

توفي والده وهو في عمر السادسة، كان نصيبه من ميراث والده وحسب لجنة الميراث الشرعية أن أعتُبر هو وأخ له غير شقيق من الزوجة الأولى لوالده مع اثنتين من الأخوات، كانوا جميعاً يكبرونه بأكثر من ثلاثين عاماً .
عاش شعبان جل طفولته في كنف أخيه حسان الذي كان صعب المدراس والطبع وكان عنيداً وعنيفاً جداً لا يتمتع بأيّ شيء من الحنان والرحمة ، وكانت أختيه صافي وفتحيه بنفس الطباع لذا لم يعشن حياة زوجية مستقرة في ظل سعيّ أخاهن حسن لتطليقهن من أزواجهن حتى لا تذهب حصة ميراث كل منهن إلى أيٍّ من أزواجهن حيث أنهن لم ينجبن أيٍّ من الأبناء.
كان حسان وأختيه يتعاملون بقسوة مع زوجته وكان يمارس ضربها بوحشية ويلقى بها تحت لوح الدراس وهو آلة بدائية تتكون من ألواح من الخشب مرصوصة ومثبتة بقوة مع بعضها البعض بحيث تشكل لوحا خشبياً واحداً مثبت بأسفله مناجل من الحديد، يجر هذا اللوح الضخم عدد اثنين من الثيران التي يمتلكها حسن ويبدان بالدوران بلوح الخشب لفصل الحبوب من القمح والشعير والذرية وغيرها عن السنابل والقش.
في هذه البيئة القاسية وغير الإنسانية عاش الطفل شعبان فكان يناله من القسوة والقهر والضرب من قبل أخيه وأختيه غير الشقيقتان مما ترك أثراً على حياته التي ملأها الأعمال القاسية والشاقة في حقولهم و أراضيهم الزراعية، فلم تعد بنيته الجسدية تستمر في النمو بشكل يتيح له بنياناً جسدياً يتناسب مع الجينات الوراثية من أبيه والذي يتمتع ببنيان قوي ومشرع الطول فكان رجب يشعر بألم مخفي عندما يرى أجسام أخوته مشرعة الطول وبنيانهم الجسدي قويّ.
لم يتعلم شعبان وكان أمياً عاش حياته مزارعاً وظل على هذا الحال طوال عمره حتى بعد أن هُجروا قساً من قريتهم فكان مزارعاً نشيطاً ويمارس أعماله الزراعية في أراضٍ استأجرها من الحكومة وكانت تدر عليه مرابح كثيرة مكنته من الزواج وإنجاب عدداً من الأبناء كان يفتخر بهم وكانوا سنداً له في أعماله وكان يحرص على تعليمهم .
كبر الابن البكر لشعبان وأصبح في سن الثامنة عشر من العمر وقرر تزويجه فاختار له عروساً وحدد يوم الفرح واليوم الذي سيذهب هو والأهل لإحضار العروس من مكان سكنها الذي يبعد أربعون كيلو متر عن مكان سكنه.
كانت الفرحة تغمر قلب شعبان وهو ينظر لجمهرة الأصدقاء والأهل أثناء تناولهم طعام الغذاء بمناسبه زفاف نجله البكر، حضرت الحافلات التي ستقل الرجال والنساء للتوجيه إلى بيت العروس لإحضارها والزغاريد والأهازيج تملأ المكان.
فجأة ينفجر صوت شعبان بقوة وهو يكيل الضرب والشتائم لأبنه العريس ويجبره على خلع بنطال البدلة التي جهزها له عند أحد الخياطين من أصدقائه، استل شعبان موساً ( سكيناً ) من جيبه وانهال على البنطان تمزيقاً وهو يكيل الشتائم والضرب للعريس ويصرخ في وجهه، شارلستون يا حمار، شو يقولوا عنا الناس بنجري وراء موضة الكفرة.
كان العريس قد همس في أذن الترزي بأن يكون بنطاله على الموضة فأخبره بأن والده أكد عليه بأن يكون البنطان حسب العادات والتفصيل الدارج وألا يكون على الموضة ( شارلستون) . أخبره العريس بأنه سيقوم بأقناع والده بأن يكون تفصيل بنطال البدلة شارلستون. 
تزوج العريس وأنجب العديد من الأبناء وظلت تلك الحادثة لا تغادر تفكيره وإحساسه وسلوكه رغم مرور أكثر من أربعون عاماً على زواجه.

د. عز الدين حسين أبو صفية،،،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

. بقلـــــ♥ــــــم الشاعر غازي أحمد خلف

الشاعر شعبي مطفى

يا ساقي كأس ألصبر أسكب وأملأ ولا تسولني ولا دًق باب محاني ولا تعرف مناش أنعاني ساكن وحدي مانعرف جيراني ومن أحلامي مهاجر مكاني نفكًر ألهمً إل...