-----------
عذراً فقد صرت أهذي ودارت خمر الصحو برأسي فوقفت أترنح وقدمي بين أن أدخل أو أعود ، سؤال كبير يرتسم بعقلي هل أنا مشفق أو جحود ، هل يحق لي في حضرتها أن أقول ما سأقول ، والتي ولجتها وكأنها متحف أو كهف عتيق ، دخلناها بنفس برئية تسبقنا أحلامنا الصغيرة محملين بحقائب ملئة بالأمنيات والطموح ، لا تتناغم مع الحاضر إلا مع تلك الواجهة المطلية بأحدث ما وُصِل له في علم الصِباغ ، نركب عربة ولدت من رحم الضباب في ذات العام ، ملابسنا صُممت لنا حديثاً ، ننتعل أحذية موسومة ب( ماركات ) ندوس بها تراب المحيط وهواتف ذكية تواكب آخر الإصدارات تثقل جيوبنا وأفهامنا في التعامل معها حُشرت بذاكرتها لغتنا ضمن اللغات ، للتاريخ أشهد أنها ظلت صامدة عصية في وجه التطور والتقدم فلم تصبها حمى الحداثة لا من قريب ولا بعيد ، هي هي منذ قرن أو يزيد ، ذات السبورة والمقعد والفناء وصوت وشكل الجرس بل حتى النشيد ، المنهج لم يتغير منه إلا غلاف الكتاب لضرورة مفردته الرئيسة ( مملكة ، جمهورية ، جماهيرية ، دولة ، وغدا ربما نعود ) ، المعلم كأنه من زمن نبي الله نوح وعصاه من إرث موسى عليه السلام يهشنا بها وله فيها مآرب آخرى ، تعلمنا كأسلافنا كيف نرفع الإصبع لنجيب عن أسئلة تحمل ذات سر تحنيط الفراعنة العجيب ، مشبعة بطعم الخيبة والملح محملة بنداء غريق ، خرجنا منها ولم تكبر إلا أقدامنا وتزدان ببعض الشقوق ، التفاهة بأحلامنا وفهمنا السقيم تقودنا إلى ما بعد البعث ويوم النشور ، دُس بنا و كأننا ما خلقنا إلا لنأكل كالنار ونقول هل من مزيد ، فنحن متنا قبل أن نولد فيا ويلنا يوم غد عند السؤال بماذا نجيب .
-----------
بشير قطنش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق