شعر //هشام شوقي
قصيدة على وزن بحر البسيط
مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن مكررة
أضعتُ عمري بأرضِ الهَمِّ والنَّكَدِ
وما جنيتُ سوى الأمراضِ والكمدِ
كأنما الجنُّ والشيطانُ قد سَرحوا
بين العبادِ ومَسُّوا النَّفسَ بالنَّكدِ
أضعتُ عمري اقولُ الحقَّ معتدلاً
وما وجدتُ سوى الأحزان في جسدي
نعمْ. جنيتُ ملاماً هدَّ في عضدي
وأوهنَ العزمَ حتى هدَّني هَدَدي
حربٌ تُدارُ بلا جُندٍ مسلَّحةٍ
حتى أعيشَ بلا ثوبٍ أمدُّ يدي
آهٍ عروبةُ إسلامٍٍ يزلزلنا
في كلِّ جمعةِ داعٍ هزَّ في كبدي
يدعو إلى كلِّ فضلٍ في شريعتنا
يدعو إلى اللهِ بالآياتِ والسَّنَدِ
بعد الصلاةِ نسينا ما يقولُ بهِ
كأنهُ ما دعا للواحدِ الأحدِ
أربابُ قولٍ بلا فعلٍ يحررنا
من المذلةِ - واهاً - منكِ يا بلدي
لا يصلحُ اللهُ ما في الأرضِ من حَكَمٍ
إلا إذا حلَّ أهلُ الحَلِِّ في العُقَدِ
الصمتُ يقتُلُنا والقولُ يقتُلُنا
في كلِّ شبرٍ ترى الأصفادَ لِلوَلَدِ
يا غابةَ الإنسِ والشيطانُ ملَّ بها
أُسدٌ من الإنسِ لا أسدٌ من الأَسد
أضعتُ عمري أقولُ الشِّعرَ قافيةً
مثلَ الرَّواجمِ لا كالبلبلِ الغَرِدِ
ما غيَّرَ الشعرُ ما في القومِ من عطَبٍ صِيدتْ حروفي وسهمُ الشعر لم يصدِ
جبارُ غاشيةٍ للذُّلِ يتبعني
في كلِّ خَطْوي يبثُّ الوَيلَ للأبدِ
أضعتُ عمري هُنا والأرضُ مجدبةٌ
كأنها لم تلدْ خيراً ولم تَلِدِ
سافرتُ سافرتُ حتى هدني سَفري
ونُسخةُ الأمسِ فرشٌ في بساطِ غَدي
لا النفطُ فكَّ قيودَ الذلِّ من جسدي
ولا الحياةُ هنا شَهْدٌ من الزُّبَدِ
كأنها حكمةُ الأقدارِ ترصدني
حتى يصيرَ قضاءُ اللهِ في كبدي
أضعتُ عمري وما في الوقتِ من أسفٍ
عذراً إلىَّ وحِصْنُ الصَّبرِ مُعتمدي
قد لذتُ بالبابِ عند( السيدِ البدوي )
وما وجدتُ لهُ حلَّاً إلى عُقَدِي
وصرتُ تلميذَ أهلِ الصوفِ قاطبةً
وما وجدتُ لهمْ مدَّاً من المددِ
يا لَعنتي في كتابِ الغيبِ إنَّ دمي
يغلي من العُربِ خابَ الظنُّ في العُمَدِ
يبقى رصيدي من الآهات أمتعتي
كنز الجحيم شعار في يمين يدي
أخشى الحكومات لو تأتي تتابعني
لصادرتْ أحرفي من روعةِ النَّكَدِ
أضعتُ عمري أنا ما اخترتُ لي بلداً
وشاءَ ربُّكَ أنَّ الحُزنَ لي بلدي
في كلِّ مؤتمرٍ نصغي له ولها
لكنَّ عقدتَنا زادتْ بمنعقدِ
كل الخطاباتِ في أرضِ الهوى زَبَدٌ
تهوي بها الريحُ لم تصمدْ على الزَّبدِ
يبقى نصيبٌ لنا في الصبرِ نقسمهُ
كما قسمنا كؤوسَ الذُّلِ والكمدِ
وآهةُ الحُرِّ هزَّتْ عرشَ خالقها
لكنها لم تصل عرشَاً من البدد
ماذا تبقى لنا في الكونِ من أمَلٍ
ومجرمُ الأرضِ سدَّ البابَ بالسُّددِ
ماذا تبقى لنا والموتُ حاصرنا
إلا الدعاء لعلَّ الحلَّ يومَ غدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق