25/05/2020

الكاتب بدر الدين تلجبيني

يوم الأحلام ...
حين كنا اطفالاً كنا نعتبر اليوم الاول من ايام العيد هو يوم الأحلام ..
كنا نفرح في هذا اليوم بالبنطلون الجديد الخالي من الرقع .. وبالحذاء الجديد الذي ينام معنا في الفراش ليلة العيد ..نشم رائحة جلده قبل أن نلبسه ويلامس أرض الشارع ...والقميص الأبيض الناصع ..
نستيقظ صباحاً لنفطر من اطايب الطعام على غير العاده ..
لحم وكبه بلبنيه وفق تقاليد العيد ..
كنا نأكل لقيمات قليلة ..ونهرع بعدها لإرتداء لباس العيد والإنطلاق في جولة على الاعمام والعمات والاخوال والخالات ...
لمعايدتهم وتحصيل العيديات وجمع الفرنكات ..
وقد اعتادت امي ان تستقبلنا بعد كل جولة معايده ..
فتقوم بالقاء الحجز الاحتياطي على عيديتنا و تجميدها لديها واعطاءنا عيديتنا بالتقسيط على دفعات يومية على مدى ثلاثة ايام العيد ..
وهدفها من ذلك هو ترشيد الإنفاق لكي لا نتسرع فنصرف العيدية كلها في يوم واحد فنعتاد بذلك على الاسراف و ( البعزقة )
وكنا نعتبر تصرف والدتنا انتقاصاً من بهجتنا ...وتنكيداً لمعيشتنا ..!!
فاصبحنا نفرّ بعيديتنا قبل ان ( تقفشنا ) امي..فننزل مباشرة الى ساحة الحارة دون أن نمر بالبيت ..فناخذ راحتنا في شراء كل ما نحلم به من العاب :
فرد فشك طابو او فتاش اوفرد كبسون .بوظه وكازوز وبالونات ملونة ونلعب باليانصيب ..ونركب الارجوحة الخشبية المربوطة بالحبال مرات ومرات ..
ونطير معها فرحاً .. وتطير من جيوبنا الفرنكات !!
كنا ندخل ساحة الألعاب في الصباح أغنياء موسرين ...
ونخرج منها في اخر النهار فقراء معسرين ..
وعند حلول المساء وبعد نضوب الفرنكات من الجيوب
نعود كما كنا قبل العيد ..( على الحديده ) مفلّسين ..
وللفرنكات من أهلنا شحاذين !!
يصل أحد الأطفال الى البيت وقد لحقت بملابسه الجديدة أفدح الأضرار ..
فركبة البنطلون الجديد ممزقة ..والقميص الابيض خريطة من مختلف الألوان ..
فقد أكل معه قميصه مما اكل ..وشرب معه مما شرب .!!.
وافترش صاحبنا الأرض يرندح ويبكي ...وينهنه لأمه ويشكي :
( .أخدولي العيديه .) . تسأله : ( مين ..؟؟ ..)
يرد : ( أحمد اخد مني نص ورقه واشترى لي فرد كبسون )
تساله : ( وين فرد الكبسون ولاك ؟ ) يرد : ( سرقولي ياه ..)
تسأله : ( مين سرقلك ياه ..؟؟ ) يرد : ( ما بعرف . ابن جيرننا اخدو .. !!)
تقول له : ( يعني صرفت العيديه كلا موهيك ..!!؟؟..)
يقول لها : ( احمد أخدلي ياها ..اشترالي فيا علكات وفتاش وضربت بالنصيب طلعتلي نفاخه ) تسأله : ( وين النفاخه ..) ؟؟ يرد : ( طقت ..!! )
فتردد : ( انقلع من وجي انا اللي بدي اطق .. موالنفاخه ..
روح .. لعنة الله على وبَرَك .!!.)
وبهذه الشتيمة ينتهي الإستجواب .وينفد الطفل من العقاب ..
وتنسى الأم الموضوع ..
لكن الطفل لا ينسى يوماً حافلاً بالملذات تمتع فيه بالنعيم في ساحة الالعاب ...
وعاش حلمه الذهبي الذي دام ليوم واحد فقط ..
هو اول ايام العيد ...عيدكم سعيد !!
بدر الدين تلجبيني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

. بقلـــــ♥ــــــم الشاعر غازي أحمد خلف

الشاعر شعبي مطفى

يا ساقي كأس ألصبر أسكب وأملأ ولا تسولني ولا دًق باب محاني ولا تعرف مناش أنعاني ساكن وحدي مانعرف جيراني ومن أحلامي مهاجر مكاني نفكًر ألهمً إل...