08/01/2022

نقد وتحليل لقصيدة الشاعرة عائشة نعمان من قبل الأديب الناقد الدكتور العربي أزعبل

قراءة تحليلية لقصيدة الشاعرة المحترمة: ## عائشة نعمان ##
بعنوان : ## قوافل الوجد ...##
قراءة وتحليل : ذ/ العربي ازعبل .
    اخترت هذه القصيدة الروعة من بين العشرات من القصائد المشاركة في مسابقة : مجلة ملوك الحرف لهذا الشهر ؛ والواقع أني هنا أمام قصيدة/ تطرح اشكالية( الشاعر بين شكل القصيدة سواء منها النثرية أو العمودية ، والمضمون وليس الموضوع ! ) فالأديبة الشاعرة عائشة نعمان ؛ استفزت مرة أخرى قراءها بقصيدة نثرية في غاية الأهمية( شكلا فنيا ) فإذا كان الشعر العمودي أو القصيدة العمودية تتميز بشكل فني عام معروف لدى الدارسين والمهتمين والنقاد منذ الجرجاني وشوقي ضيف من القدامى وآخرين معاصرين ؛ والمرتكزة خصوصا على الصورة الشعرية والوزن والقافية والبحر العروضي المختار واللفظ الموسيقي واللغة وفروعها من حيث البلاغة من علم البديع وعلم البيان ؛ فإن ( القصيدة النثرية) تضعنا أمام إشكالية كبيرة اولا من حيث التعريف .
فما المقصود ب( القصيدة النثرية)
هل هي " الشعر الحر الذي لا يخرج كثيرا من حيث الشكل الفني للقصيدة عن أوزان العروض الخليلي الا على مستوى الصورة الشكلية في سبك مقاطع النص/ القصيدة على اعتبار أن هذا النوع ردة فعل على" عدد" التفعيلات الواجب الإلتزام بها حسب كل بحر شعري كما هو معروف لدى خليل بن أحمد الفراهدي ! فهو حر فقط في اختيار عدد هذه التفعيلات !!
أم أننا أمام "شعر نثري" يتمرد فيه الشاعر عن كل ما له علاقة بالبحور الشعرية مكتفيا بالموضوع والشكل و الإعتماد على الوقع العاطفي والموسيقى الخارجية للنص في البوح للتأثير على المتلقي/ المخاطب أو المرسل إليه النص !!
  ثم هل بإمكاننا الحكم على كل أنواع وأنماط الشعر النثري حكما فنيا دونما الحث على ضرورة " تسمية الأشياء بمسمياتها " ؟! لأن الشعر خصوصا ذاتي ؛ والتعبير بالشعر أبلغ في نظري من التعبير بالمرسل من الكلم !! فنلاحظ اختلاطا بينا بين الأغراض..فلا القصيدة خاطرة ولا غزلا ولا وصفا ولا غير ذلك ! مما يطرح اشكالية العلاقة بين شعر وشعر وبين النثر العادي والشعر ! بحيث تصبح الخطابة قصيدة ! وتصبح الخاطرة قصيدة ....فقط ما يتغير هو : الشكل.
   هنا تستفزنا الشاعرة المحترمة:عائشة نعمان بقصيدة نثرية رائعة شكلا ومضمونا وموضوعا؛ حيث جددت في الشكل الفني للنص/ القصيدة النثرية ومن حيث الموضوع حيث اختارت كعنوان لنصها مثلا( قوافل الوجد)
غير مبتدل ولا مألوف لدى القراء ..ثم المضمون ؛ مضمون النص وفكرته الرئيسة ...هنا جمعت بين حالات نفسية غريبة في حبكة متراصة الحلقات يشد بعضها بعضا كأنه بنيان مرصوص لتتحدث عن : الصمت ولغته/ عن القلق والتوتر/ عن الزمن دون المكان في انتفائية مقولة: زمكانية النص ! على اعتبار أن الشاعر لا تقصد بهذه القصيدة الحديث عن ( أنا ) '/ المتكلم فقط بل بالعكس ترسل صورة إنسانية / صورة الإنسان المعاصر ؛ التائه بين مد الظروف والأحداث وجزر العادات وما ألفه المرء قبل سنوات فقط من عمر الزمن .....
   إعتماد الشاعرة ( عائشة نعمان) الكلي على الشكل الفني للقصيدة أكسبها ابداعا خاصا باختيار " حرف القافية" أو الحرف " القفل" لأشطر القصيدة مزايا متعددة ( حرف القاف) يوحي بالقسوة : قسوة الظروف التي تعيشها الإنسانية كلها دون استثناء ./ مفترق الطرق !!! في لغة وأسلوب سهل ممتنع ...يتجلى ذلك في المعجم الذي اتخذته الشاعرة مطية لبلوغ هدف " الإقناع والتأثير ودق ناقوس الخطر " 
ويكفي الاستشهاد هنا بما يلي : 
تقول الشاعرة المبدعة في إيجاز مركز :
أجدني أغرق وأغرق
في بحور التعلق 
قوافل الوجد في أعماق أعماقي
صارت الأماني في ليل أحلامي تحلق
ترف فيها العين والأحداق ...!!
لم تستعمل الشاعرة كلمة" البحار" بل استعملت كلمة " البحور" وهي تعرف جيدا ماذا تعني ....تعني الشعر !! الغارقة في متاهاته !!!
لنعود مرة أخرى على غرار ما أوحت لنا به الشاعرة العميقة من دلالات في هذه القصيدة / الإشكالية !! القصيدة النثرية الرائعة شكلا على الاقل مع بروز مدارس جديدة تنظر لاشكال معاصرة للشعر : مدرسة الومضة الشعرية ومدرسة الهايكو ومدرسة " اكتشاف بحور شعرية جديدة غير المعروفة لدى الفراهدي ومن تبعه من الشعراء مثلا:" بحر على اسم شاعرة معاصرة : " رانا ".... وقد تستحدث بحور وأوزان وأشكال أخرى مستقبلا لأن الشعر يبقى خصوصيا لذات الشاعر وإن رام به غيره ؛ وهذا طبيعي مادام الأبداع البشري واحد على اختلاف أنواعه : المسرح/ الرسم/ النحث/السينما ./.الموسيقى./ الرقص.....الخ ....
لا يسعني هنا الا أن أهنئكم شاعرتنا المبدعة على هذا الشكل الفني الجميل لقصيدتك هذه .وأشكركم على أن منحتمونا لحظة متعة شعرية وأدبية راقية .
كل التقدير والاحترام د/ عائشة نعمان المحترمة .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

. بقلـــــ♥ــــــم الشاعر غازي أحمد خلف

الشاعر شعبي مطفى

يا ساقي كأس ألصبر أسكب وأملأ ولا تسولني ولا دًق باب محاني ولا تعرف مناش أنعاني ساكن وحدي مانعرف جيراني ومن أحلامي مهاجر مكاني نفكًر ألهمً إل...