04/01/2021

الكاتبة رومي الريس

كان مديراً لأحد المصالح الحكومية ، شخصية جبارة وصارمة ، لم نر الابتسامة على وجهه يوما ولذلك كان الجميع يهابه و يتحاشاه و ينأي بنفسه عن مواجهته لأي سبب من الأسباب 

كان يذهب إلى مقر عمله في الصباح الباكر  ويباشر مهام عمله بكل همه و نشاط 
على الفور، ويتابع كل كبيرة وصغيرة في مختلف الأقسام بنفسه 
دون الاعتماد على أحد ،و كان آخر من يغادر المبنى في نهاية اليوم 
لقد كان محنكا جدا في عمله
فرحلة كفاحه الطويلة منذ كان شاباً يافعا،وحتى غزا المشيب  شعره،  والسنوات الطويلة قد أصقلت خبراته وجعلت إسمه في الصدارة دائما وعلى رأس القائمة متخطيا الجميع

كنت موظفاً جديداً في المكان وكان هذا هو يومي الأول في العمل
كنت متحمساً جدا و خائفا في نفس الوقت
تأنقت وتعطرت و  قدمت لى زوجتي  وجبة الإفطار فتناولتها في عجالة
وتوجهت على الفور إلى العمل 

طرقت الباب ودخلت مكتب المدير و ألقيت التحية على الحاضرين 
،وتسلمت وظيفتي 
،صعدت مع رئيس القسم إلى الطابق العلوي ،و ألقيت التحية على زملائي، وجلست وراء مكتبي
وأحسست بالفرحة الغامرة و الزهو وكم أنا محظوظ أنني قد رزقني الله زوجه صالحه ووظيفة جديدة ولم أضطر للإنتظار لسنوات طويلة للالتحاق بالوظيفة و حمدت الله كثيرا على ذلك فهذا من فضل ربي ثم دعوات الست الوالده أطال الله عمرها

ولكن قبل أن استفيق من أحلام يقظتي وجدت يدا جامده تضرب على كتفي بكل بقوة وحين التفت لأري صاحب اليد الثقيلة التي خلعت كتفى
وجدته يقف أمامي بشحمه ولحمه بوجهه الصارم  وتحدث لي قائلا:
أهلاً وسهلاً بك معنا في إدارتنا نحن هنا أسرة واحدة ويد واحدة وعلى قلب رجل واحد
ولا مكان بيننا للمتخاذلين أو الفاسدين
أجبت بصوت متحشرج:
نعم نعم وفقكم الله وسدد خطاكم سيدي المدير أنتم لها
ثم هم بالانصراف

ومرت الأيام بسلام وذات يوم تلقيت اتصالاً هاتفياً من
أبي وأخبرني أن زوجتي
تعاني من آلام المخاض
وأنها على وشك الولادة
وكان المولود الأول لنا
وبمجرد أن أغلقت سماعة الهاتف وقفت كمن لدغة ثعبان واطلقت ساقي للريح  وتركت مكتبي  دون وعي وتوجهت إلى المنزل وكانت زوجتي في حالة يرثى لها و أسرعت متوجها بها إلى المستشفى 

ومرت ساعات الولادة على خير والحمد لله ووضعت زوجتى طفلة في غاية الجمال و سميتها ثريا  وشعرت بسعادة غامرة فقد صرت أبا
،ولكني انقبضت فجأة وتذكرت أنني لم استأذن من مديري حين هممت بالانصراف وشعرت بالغم والحزن يعتصرني ،و بغصة  في حلقي 

ذهبت في المساء إلى أحد المقاهي وجلست احتسي فنجانا من القهوة، ووجدت نائب المدير  مارا من أمامي بالمصادفة البحتة فناديت عليه و طلبت منه الجلوس وأخبرته بما حدث منى وأنني من خوفي على زوجتي وفرحتي بالمولود الأول 
غادرت مكان العمل دون طلب إذن من جناب السيد المدير 

ضحك حضرة النائب كثيرا وقال لي: هل تعرف أن  هذا الوجه الصارم والشخصية الجبارة للمدير وراءهما
قلبا طيبا وأبيض كاللبن
فهو لم يرزق بأطفال وكان يستطيع أن يطلق زوجته أو يتزوج عليها كي ينجب وتكون له ذرية ولكنه رفض ووقف بوجه أبيه وإخوته وتحدي الجميع من أجل زوجته التي يحبها بجنون فهو يكون كطفل صغير معها وهي بالنسبة له الأم والأخت والزوجة والحبيبة وكل شيء في حياته لا تقلق سوف أتحدث معه واشرح له ما حدث وألف مبارك على المولود الجديد 

وفي الصباح الباكر توجهت إلى مكتبي وجلست وقلبي تتسارع دقاته والأفكار تتزاحم بعقلي في إنتظار أن يصب المدير جام غضبه
على رأسي ولكنى فوجئت بيد تربت على كتفي بحنان وعطف والتفت لأجد المدير واقفاً أمامي وعلى وجهه ابتسامة عريضة
لأول مرة في حياته ،ويشد على يدي بقوة وهو يقول لي: مبارك على المولود الجديد يا بني فاحتضنته بقوة وانهمرت الدموع من عيني 
     بقلمي رومي الريس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

. بقلـــــ♥ــــــم الشاعر غازي أحمد خلف

الشاعر شعبي مطفى

يا ساقي كأس ألصبر أسكب وأملأ ولا تسولني ولا دًق باب محاني ولا تعرف مناش أنعاني ساكن وحدي مانعرف جيراني ومن أحلامي مهاجر مكاني نفكًر ألهمً إل...