21/07/2020

الكاتب بدر الدين تلجبيني

أعراس الريف الحلبي
عرس أحمد ( 2 )
بعد أن تم ترتيب غرفة العرسان ..بقي هناك موضوع انتظار تأمين الفرش واللحف ..فاللحف عند المنجد والفرش في طور الإعداد بعد ان تم شراء اصواف الأغنام وغسلها لكي تكون جاهزة ونظيفة لحشو الفرش ...
وفي إحدى امسيات ما قبل العرس جلس العريس أحمد ساهماً ...
سألته امه : مالك .؟؟! .أجاب : اريد أن أرى العروس ..!!
فضحكت باستغراب وقالت له : ماالذي دهاك .. ألم يعد بوسعك الإنتظار لأسبوع آخر ..؟؟ فأنت تعرف تمام المعرفة بأن والدها لن يسمح لك برؤيتها ..
ولكن رغم ذلك سأبذل قُصارى جهدي ( تكرم عينك ) ..
وفي اليوم التالي تقدمت بالطلب إلى أهل العروس ..فقوبل طلبها بالرفض القاطع من قبل والد العروس الذي قال ساخراً : ( ته ..ته ..ته ..!! اش بدّا تحكي علينا العالم ..بدّن يقولوا عرضنا رخيص ..؟؟ خيتو ..يوم العرس بشوفا وبتشوفو ..خلص ..!!) وكما يقول ابو زهير النايحه ( خلص ..انتهت المقابله .. ) !!
وهكذا أُجهضت محاولة أحمد في مهدها ..فلم يستطع رؤية عروسه والتمتع بفترة الخطبة ولو للحظات .....
وبعد اسبوع ..وعندما اكتمل جهاز العروس ..من الإبرة حتى الدبوس ..
بدأت الاحتفالات ....
ففي يوم الثلاثاء ليلة الأربعاء ..
اقيم في دار العريس حفل صغير ما كان يسمى ( التعليلة ) ..والتي تدعى اليوم ( طقموشه ) اجتمع فيه شباب العريس من أقارب وأصدقاء ..ورقصوا على طرق الطبلة والتصفيق والغناء ... والرقص الشبابي العنيف !! وغنوا الأغاني التي كانت دارجة في تلك الايام :
( دلوعه يا دلوعه .. ليش النظره ممنوعه .. قلبي داب وجسمي داب .. وعيوني نشفت دموعا يا دلوعه يا دلوعه .. ) كما وغنوا :
( بالله تصبوا هالقهوه وزيدوها هيل ...واسقوها للنشامى عضهور الخيل ..)
وغيرها من الأغاني الحركية الراقصة ...
وكانوا يستريحون كل فترة ليستمعوا الى موال سبعاوي من أحد الحضور مخاطبا العريس : فخرك بدنياك ( يا احمد ) معروفك لزيد وعمر ....
عود لسانك على قول الصدق لا عمر ..)
ويختم الموال : المال يفنى واسم الجيد يبقى عمر ..)
وهنا يرتفع مستوى الحماس لدى الحضور فيهتف السميعة : ( صلوا على محمد الزين الزين مكحول العين واليعادينا ..الله عليه .. )
ويعبّر اصحاب المسدسات عن مشاعرهم بإطلاق الرصاص ...
...وتعبر النساء الجالسات على الأسطحة عن فرحتهن باطلاق الزغاريد ..
ويدق الحماس الراقصين ...فيهبّون الى الرقص من جديد ..
فتجد كافة اهالي الحارة منشغلين بعرس احمد . ..وكل واحد منهم يعبر عن مشاعره بطريقته الخاصة ويشبع رغبته التي حضر الى الحفل من أجلها ....
وياتي يوم الأربعاء يوما محورياً حافلاً بالفعاليات .. فقد تم فيه عند العصر عقد قران أحمد على عروسه في منزل العروس بحضور جمهرة من الأقارب وكبار الحاره ...
وفور كتب الكتاب وخروج الرجال من منزل العروس دخلت النساء ليشهدن حفل الباس العروس المصاغ الذهبي ما كانوا يسمونه ( المليك ) وكان موعده يحدد غالبا قبل كتب الكتاب لكن والد العريس اقترح ان يكون بعده تحسباً لحصول امور مفاجئة من اهل العروس ..وخوفا من ان يعمل لهم والد العروس ( في الرز بصل ) !!
وفي مساء نفس اليوم يبدا في دار العريس حفل آخر يسمى ( ليلة الحنه ) يقام فيه رقص و غناء ويقوم رفاق العريس بالرقص والطواف حوله بصواني الحنه المجللة بالشموع بعد إطفاء الانوار وهم يغنون : ( تعا تعا يا جايب الحنه ..) و: ( منديل منديل يابو منديلي ....صالح يابو المناديلي ...وينك رايح ومتغرب ..والله ان ما جاني صويلح ..لصبغ ثيابي نيلي ) على غرار لحن اغنية ( يا صاح الصبر وهى مني ...) وهي اغنية تراثية تخاطب فيها الام ولدها الغائب ..وتتمنى حضوره الحفل ..
ويقومون بعد ذلك بتخضيب سبابة العريس ورفاقه بالحناء في جو من المرح ..
ونذهب الى حفل النساء حيث يحصل هناك ذات البرنامج .. فترقص النساء بصواني الشموع حول العروس ..ويتم بعدها رسم النقوش على كفوفها واترابها من الصبايا وسط الأغاني والهناهين
وتنبري كل واحدة من الحاضرات لتنشد أمام العروس ابيات عتابا ( فراقيات ) .. امثال :
(بس ولعونا ومشوا ..عسى ما كان شفناهم .. تسعر وما تنطفي .. نيران فرقاهم )
تبكي على أثرها العروس تتبعها ام العروس ثم باقي المحتفلات من عمات وخالات وحتى الجارات .. ويقلبونها مناحة وكأن العروس ستذهب الى السفر برلك .. وليس الى الشارع الثاني في الحاره .!!.
وبهذا تنتهي اليوم الزياره ...
والى حلقة قادمة نتحدث فيها عن ما تبقى من مراسم عرس احمد ....!!
دمتم بخير ..
بدر الدين تلجبيني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

. بقلـــــ♥ــــــم الشاعر غازي أحمد خلف

الشاعر شعبي مطفى

يا ساقي كأس ألصبر أسكب وأملأ ولا تسولني ولا دًق باب محاني ولا تعرف مناش أنعاني ساكن وحدي مانعرف جيراني ومن أحلامي مهاجر مكاني نفكًر ألهمً إل...