بمجرد ملامسة أناملك لشاشة مضيئة ، وبخطوات بسيطة، تتحصل على جواز سفر وتأشيرة ،تمنحك حق
الجنسية الفيسبوكية
غريزة الفضول عند الانسان هي ما تدفع به للقيام بعدة أمور ، وفي هذا الموضوع بالذات هو فضول ...إعتياد
تعلق ..... ثم إدمان
وتحولت شاشة الهاتف النقال إلى نافذة تربطهم بعالم معاش ثان موازي للعالم الحقيقي فغاصو في بحر المنشورات الى ان جذبهم مثلث برميدا الخفي
ذو الرؤوس الثلاث ..فتخبطوا بين...هذه الكلمات إعجاب ...تعليق ....ومشاركة .
ويكمن الخلل في نوعية البشر الحاملي للجنسية الفيسبوكية .فليس الكل يتمتع بالنضج الفكري
ولا النفسي للتعامل مع هذا العملاق الازرق.
فأغلبهم كونوا لأنفسهم هوية افتراضية منمقة .بعيدة كل البعد عن حقيقة الشخص .والتحقوا بقطيع المهوسين والمرضى النفسيين الباحثين عن إثبات ذات مفبركة وحصد نقرات الاعجاب !
فلا تتعجب لأمر أن سكان العالم الازرق مثاليون من الدرجة الممتازة خيرة الاشخاص .شخصيات ذات ثقافة عالية .لهم القدرة على نقد وتحليل كل الأمور
وعلى كافة الأصعدة ! وبات هجسهم الوحيد مو محاولة الحفاظ على هذه المكانة المرموقة وأن تحظي منشوراتهم بسيل من الإعجابات ولما لا التعليقات... وهوسهم الوحيد تحقيق أكبر عدد ممكن من المتابعين والصداقات .
في غضم هذه الإهتمامات تلبس الواقع بالإفتراض،
وأصبحت حياة الفرد محصورة في إطار أزرق .ودون شعور منه شيد جدارا بينه وبين الواقع وشيئا فشيئا استسلم للعزلة .وبدأت تتولد عنده حالة توحد .
متى ذلك ؟
حين تصاب بصعوبة في الكلام فتلقي كل يوم صباح الخير على العالم الإفتراضي وتنسى أن تلقي التحية على أهلك !
حين تنزوي بغرفتك يوم العيد لتبارك الأعياد لأصدقاء افتراضيين و تستثقل معايدة صديق او جار يبعد مسافة بسيطة عنك ! لانك وبكل بساطة صرت تنفر من مصافحة غيرك ومن العناق .
حين تجاهد في منشوراتك على غرس مبادئ التضامن و التكافل و تتكاسل عن المشاركة في أي عمل انساني خيري على أرض الواقع ويكون لديك صعوبة في التواصل مع غيرك !
حين تلتقط صورا لتزين جدارك وأنت في نزهة مع أفراد عائلتك ! وتهرب بالنظر الى عيونهم لأنك منشغل
بالنظر للهاتف.
حين ترفرف يداك لتنشر صورة لفنجان قهوة بجانب كتاب لا تعرف عنه سوى الغلاف أو ربما لم تقرأ حتى العنوان ، ويخيل لك أنك بهذا ادركت ركب المثقفين !
حين ينادونك بإسمك الحقيقي ولا تجيب لأن ذهنك
انطبع فيه إسمك الوهمي .
حين تتحرك كثيرا وتقفز بين المنشورات بحثا عن اللايكات .
هي فقط القليل من مظاهر التوحد الفيسبوكي التي لا حصر لها ولا عد ، لكن خلاصة القول أن حياتنا الحقيقية هنا، خارج هذا الاطار الازرق ، هنا حيث نحن، في هذا الواقع ليس أبدا بالمثالي لكنه مشع بخيوط شمس حقيقية قطرات مطر و الوان قوس قزح .
ملاك .ن.ح 🖋
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق