خاطرة بعنوان :" ها أنا ذا "
لم أكن أعلم أن الحياة بهذه البشاعة و الشراسة لما سلمت لها نفسي بكل ما أوتيت من حب كأنها الأم و أنا ذلك الولد الصغير المدلل..الولد الذي لا يعرف طعم السعادة إلا و هو بتلك الأحضان الندية الخضراء كلون الجنة..لم أكن أعرف حينها إلا هي ..كان علي أن أعرف نفسي أولا..أن أغمض عيني لأرى ما بداخلي..لكني عن هذا غفلت..عن نفسي عشيت..كنت لا أرى شيئا عني..بل كنت حين أغلق جفني لا أرى غيرها..لا أسمع غيرحسيسها عبر الأثير..ها أنا ذا اليوم أجالس نفسي أكلمها و تكلمني كصديق صدوق بعد أن أذهب إليها في أعماقي..تخبرني بما فعلت بنفسي و أجرمت بحقي..حياة صارت لا لون و لا طعم و لا رائحة لها..صارت تمسكني من يدي لتأخذني إلى سراديب عميقة بجوفي شبيهة الدجى..تمدني أحيانا بفوانيس إيماني لأضيئ عتمتها..لكنني كلما أخذتها انطفأت و طفا الحزن ليملأني من جديد..ها أنا ذا اليوم أعيش طقوس الخوف و الخيبة..خوف من أم ربت اليتيم و قهرته بعد أن أرضعته و خيبة من نور يتحول إلى حزن كخيبة الذي تحول الذهب الذي بين يديه إلى رماد.
بقلم الكاتب:مصطفى خالد بن عمارة تيارت/الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق