24/02/2022

الكاتبة هبا طرابلسية

***شارع التسالي***

كنت أراقبه كل يوم وهو يقرأ مانُقش على مقاعد الحجر المصفوفة على أرصفة شارع العشاق الطويل في (صلنفة) وهو يكنسه آخر الليل بعد خلوه تماماً من المراهقين والعابرين.
يبتسم أحياناً بقراءته عبارات حبٍ وأشعار الشوق.
ويقطب حاجبيه مرات مستنكراً ما كُتب من خواطر عذاب غدرٍ وخذلان، نقشها عابروا ذلك الشارع المنير.
يتفقد جذوع أشجار الصنوبر متحسساً ما حُفر عليها من حروفٍ وكلماتٍ ورسوم.
ابتسم حينما تلمع عيناه لجميلٍ قرأه، وأفكر ماذا تراه قرأ لتحزن تلك البنيتان.
وددتُ لو استطيع مثله قراءة ما نُقش واتحسس ماحُفِرْ .
كنت سعيدةً بما اسمعه ممن يجلسون تحت شرفتي.
عشت قصص حبهم بتفاصليها الحلوة والمرّة.
تألمت عند انفصال بعضهم وحزنت لحزنهم.
ذرفت الدموع لخيباتهم وتمزق قلبي لخذلانهم.
وكمْ فرحت بلقاءاتٍ أخرى، وحاولت جاهدة كتم صوت ضحكتي عند قهقهتم و وأطلقها لتختلط بصخب ضحكهم .
تمنيت لو يتخلى عني هذا الكرسي اللعين، ويطلق سراحي، ألم يملّ أسري بعجلاته الكبيرة هذه.
كمْ حلمت لو أن أقدامي تطئ أرض الشارع واتحسسها بباطن قدماي، وتحرقهما حرارة الشمس التي أشعلت الطريق المعبد عند الظهيرة، وأركض كطفلة وأقفز وتعلو قفزاتي في الهواء لأبردهما قليلاً.
فيخالني الجميع أرقص الباليه الذي تمنيت ممارسته على رؤوس أصابعي.
آهٍ ياكرسيي يبدو أنك صاحبي حتى أفارقك أنا وتصعد روحي للسماء. لا تحزن سوف أراقبك من هناك وأنت تكمل ما كنت أتابعه كل يوم من شرفتي هذه. 

#هبا_طرابلسية_سوريا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

. بقلـــــ♥ــــــم الشاعر غازي أحمد خلف

الشاعر شعبي مطفى

يا ساقي كأس ألصبر أسكب وأملأ ولا تسولني ولا دًق باب محاني ولا تعرف مناش أنعاني ساكن وحدي مانعرف جيراني ومن أحلامي مهاجر مكاني نفكًر ألهمً إل...