01/10/2019

الشاعر كريم خيري العجيمي

صلوات من وجع..!!
.........................
حينما يأتي عليك زمان..
يكون كل همك أن ترحل إلى مرافئ النسيان..
فتسافر بذاكرتك-مرغما-عبر الزمن ألف عام إلى الوراء..
لتمارس مهنة التذكر..
وتقيم طقوس صلوات من وجع..
تشد صومعتك على ربى الضلوع..
وتترنم بنشيج يدمي مقلة الحجر..!!
يستنطق خرس الناي..
ويمزق من قسوة..
الوتر..!!
يعوزك العدة والعتاد..
رغم أن الزاد حمل ثقيل..!!
تشتكي إنعدام المطية..
وأن الرحيل بلا انقطاع..
وأن الرحلة بلا مقيل..!!
وأن الطعام والشراب..
من نكهة العلقم..
عجز يفت عضد أعجز منه..
القوت صبر على غير هدى..
بلا أمل في غد يرحل بوجهه نحو أمس أنكرك..
والشراب كئوس من الخذلان تعاجل بها ظمأ تضرب نوباته داخلك من أقصى إلى أقصى..
لتجعلها ريا تصل به إلى حيث تبتغي..
تشتاق لمسة دفء تحتضن كفك المرتعشة وداخلك البارد كبرودة قبو لم تزره الشمس منذ أن فتقت السماوات والأرض بعدما كانتا رتقا..

تشتاق أن تعود صبيا لا يأبه ولا يؤبه له..
فقط..
لئلا تمر بأوجاع كأنها فيالق من أعاصير لا تتوقف..
وأنت محض غصن يبس على غير موعد..
ليسقط مفسحا المجال لمتسلق آخر ربما لا يشبه الأصل لا طبعا ولا تطبعا ولكنه عمى البصيرة والعين مبصرة..
تحن إلى ليالي الشتاء حينما يتغنى الليل بطيوفهم في صحبة المواقد المشتعلة..
ستقتلك ذكريات احتضانك لضوء الشموع حينما تهب الريح خشية أن تزل القدم إلى الهاوية..
وها هي قد اختارت الزلل طوعا وفي وضح النهار..
واشترت السقر بفردوس أقمتها يوما على طلل لم يقو..

فكيف بك الآن والكف قد احترق..!!
والمواقد أطفئت..
والمعين أمسى لا حاجة لهم به..
فقد استبدلوه بمعين الأطمار والأسبال والورق..!!
وأحاديث السمر صارت من كذبات الزمان الغابر..
وأضحت بهتانا زهد فيه..
فلم يعد صوت الأشواق إلا عواء"..
في أرض الخراب..!!
وكل الحكايا التي نسجها عنكبوت الوصال يوما..
هي طلاسم من خيبة وفيضا من سراب..!!
وكل الأمنيات التي ابتغيتها يوما..
هاجرت تحت أجنحة الضباب..!!
تراجع خارطة الحنين وقد شاهت فوقها المعالم..
وأربدت السنون وعبثت بمعالمها يد الزمان..
والحرمان قرص يتوهج كالشمس في صباحات الصيف..
يسبح بداخلك خيال ظامئ يمزق العطش نياط قلبه..
حيثما وليت وجهك فالوجهة فقد..
والشراع وجع..
والمركب جثمان تستقله منكسرا وحيدا مهيض الجناح..
بغية لملمة البقايا المقهورة..

كنورس هجر قسرا..
ابتنى مدينة فوق اللجج..
ونصب عشه فوق صفحة الماء ذات حلم في زمن الغفلة..
فعاجلته العواصف ليضيع هباء"ما أجهد نفسه فيه وجعل من جناحية زادا للنصب..
ليبقى على قيد الوجع..
أو يسافر على ملة الموت..

فلا بقاءك أزاح وجعا يفترش أرض وجودك..
ولا رحيلك أقصى صورة الوطن من مخيلتك..
لا لشئ غير أن الوطن لم يكن يعني لك كثرة الأشخاص..
فقط شخص واحد كان وطنا بكامله..
ينبت فيك مثل كريات الدم..
يعيش بداخلك ويعانقك كل حين كما تعانق الأنفاس رئتيك..

إنها فصول المرارة وقد آن أوانها..
تبتئس..
تحزن..
تموت..
وإن بقيت..
فستهطل سماء أحلامك مطرا من جحيم لا يتوقف..
إنه حصاد الزرع الذي لم يكن ليثمر غير ذلك..
فالتربة غير صالحة..
والوطن كان في حقيقته منفى تزيا كذبا في زي وطن..
فأضحى سجنا بلا أسوار ولا جدران..
تحرر جبرا لتدخل سجنا من الذكريات..
ستظل تقيم لها صلوات من وجع..
وتبتني محاريب من الأنات..
والفجر ينبت مع دورة الشهيق والزفير..
حتى يضحي يومك محض طقوس وصلوات..
بلا عدد..
والليل رحيل بلا زاد..
ولا مدد..
فكفاك تغربا ورحيلا..
فكم قبلك في المحراب من تبتل..
من تهجد..
من سجد..
والعاقبة صد..
دون حد..
(نص موثق)

النص تحت مقصلة النقد..
.............
بقلمي العابث..
كريم خيري العجيمي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

. بقلـــــ♥ــــــم الشاعر غازي أحمد خلف

الشاعر شعبي مطفى

يا ساقي كأس ألصبر أسكب وأملأ ولا تسولني ولا دًق باب محاني ولا تعرف مناش أنعاني ساكن وحدي مانعرف جيراني ومن أحلامي مهاجر مكاني نفكًر ألهمً إل...