أطلقتُ للأفكارِ قيدَ عنانِ
و حللتُ من عُقَدِ البيانِ لساني
أبحرتُ في كلِّ العوالمِ هائماً
أمضي و لا أرسو على شطآنِ
كم غصتُ في لُججِ الظلام مراقباً
( فجرَ الهوى من لحظها الفتانِ )
ما كانَ يقتلني بسيفِ عيونهِ
إلّا الذي بالثغرِ قد أحياني
و وقفتُ بالأطلالِ معتبراً بها
أبكي و ما يُدريكَ ما أبكاني
لو لم يكن قلبي بقلبِ رحالِهمْ
ما سرْتُ خلف الركبِ و الأظعانِ
ما شرَّقوا إلا و شرّقَ خلفهمْ
رفقاً بهِ يا حاديَ الرُّكبانِ
حاولتُ أن أنسى الجراحَ و إذْ بها
تُنكا على الإهمالِ و النسيانِ
و شربتُ من حلوِ الحياةِ و مرِّها
حتى ألفتُ المرَّ في فنجاني
و رضيتُ بعضَ العذلِ في محبوبتي
و أنفتُ كلَّ العذلِ في أوطاني
يا ويحها كيف استحالَ رجالُها
ألعوبةً في قبضةِ الصبيانِ
أسفي على وطنٍ تناثرَ وردهُ
قُتِلتْ ملائكهُ فدا الشيطانِ
يكفيكَ من نكدِ الزمانِ بأن ترى
غربانَهُ تعدو على العُقبانِ
لا شيء ينفطرُ الفؤاد لمثله
كتحكُّمِ الجبناءِ بالشجعانِ
و يطيشُ ميزانُ القضاء و رشدُهُ
إن صارَ من يقضِ الحقوقَ الجاني
سئمت سيوفُ العزِّ من إغمادها
و خيولهُ اشتاقتْ إلى الفرسانِ
قد ثار هذا الموجُ بعدَ سكونِهِ
فاهتزَّ عرشُ الظلمِ و الطغيانِ
و النار من تحتِ الرمادِ تأجَّجَتْ
لتطيحَ بالطاغوتِ و الأوثانِ
كم حاولوا تفريقنا و شتاتنا
و قد اتحدنا اليوم في الميدانِ
إنْ أنَّ في أرضِ الكنانةِ ثائرٌ
لمسَ العراقُ الجنبَ في بغدانِ
لا تحسبوها اليوم حربَ مصالحٍ
فالحربُ بين الكفرِ و الإيمانِ
من كان يطربُهُ الرصاصُ فلن يرى
طَرِباً لنوحِ الناي و العيدانِ
أو كان يشتاقُ الجنانَ و حورَها
لن ينثني إن مال غضنُ البانِ
قولوا لمن ظنَّوا بأن عفافَها
لِتَبَدُّلِ الأيامِ غيرُ مُصانِ
ليلى ستمنَعُ كلَّ علجٍ وصلَها
و ليخسأِ الغازونَ من إيرانِ
عربيةً تبقى دمشقُ على المدى
أمويَّةَ التاريخِ و التيجانِ
بشير الصالح 2019/11/22
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق